أهم الأخبارعربي و دولي

التاريخ يكرر نفسه في الانتخابات الاسبانية ويمنح الاشتراكيين فرصة جديدة

(كونا) – بعد عجزها عن تشكيل حكومة ثمرة انتخابات أبريل الماضي خاضت إسبانيا مغامرة انتخابات عامة جديدة أمس الأحد فاز فيها كما كان متوقعا الاشتراكيون لكن دون أغلبية كافية ليكرر التاريخ نفسه في غضون ستة أشهر.

وبعيدا عن توضيح الصورة فقد ازدادت تعقيدا وبعيدا عن الخروج من المتاهة تم التوغل فيها أكثر لاسيما مع تكشير اليمين المتطرف عن أنيابه بشكل بات يقلق اليمين واليسار على حد سواء.

وجاءت نتائج الانتخابات واضحة بفوز الاشتراكيين على المحافظين وابتعاد اليمين عن الوسط وانزلاقه باتجاه اليمين المتطرف مع تقدم الطيف الانفصالي الكتالوني ونمو التعددية الحزبية.

وعلى الرغم من فوزه بالانتخابات خسر حزب العمال الاشتراكي ثلاثة نواب مقارنة بانتخابات ابريل الماضي حيث حقق 120 مقعدا (محققا 7ر6 مليون صوت يشكلون 28 في المئة من الأصوات) في البرلمان المؤلف من 350 نائبا وتقف الأغلبية الساحقة فيه عند 176 نائبا.

وخسر التكتل اليساري في البرلمان الاسباني سبعة مقاعد حيث تراجع ائتلاف (أونيداس بوديموس) من 42 نائبا في أبريل الماضي إلى 35 نائبا في انتخابات الأمس في الوقت الذي حقق حزب (ماس باييس) الجديد على الساحة ثلاثة مقاعد ليتراجع التكتل اليساري من 165 نائبا في انتخابات أبريل إلى 158 نائبا في انتخابات أمس الاحد ويكون بحاجة إلى 18 صوتا لتشكيل أغلبية ساحقة في البرلمان.

من جانبه شهد تكتل اليمين تحسنا حيث رفع الحزب الشعبي المحافظ عدد نوابه من 66 نائبا في أبريل إلى 88 نائبا فيما حقق الحزب اليميني المتطرف (بوكس) انتصارا مدويا معززا وجوده في الغرفة السفلى بالانتقال من 24 نائبا إلى 52 نائبا في مشاركته الثانية في الانتخابات العامة لكن حزب (ثيودادانوس) مني بهزيمة كارثية مع خسارة 47 نائبا والانتقال من 52 مقعدا في البرلمان إلى 10 مقاعد فقط.

وعلى الرغم من نمو اليمين فهو لا يرقى بأي شكل إلى الأغلبية الكافية إذ يشكل 151 مقعدا في مجلس النواب ويحتاج إلى دعم 25 نائبا اخر لتشكيل حكومة مع العلم انه من الصعب جدا حصوله على تأييد الأحزاب الأخرى باستثناء حزب (نافارا) الذي يحظى بنائبين اثنين.

وتشير البيانات إلى أن تشكيل حكومة بات اليوم أصعب وأكثر تعقيدا مقارنة بأبريل الماضي لكن مهمة بناء أغلبية كافية لتشكيلها تقع على عاتق الزعيم الاشتراكي رئيس الوزراء المنتهية ولايته بيدرو سانشيز وأمامه طريقان.

يتجسد الطريق الأول في محاولة إعادة استكشاف الحلول مع حلفائه على يساره والعودة إلى مفاوضات الأشهر الماضية لتشكيل حكومة مع (أونيداس بوديموس) و(ماس باييس) مع دعم الحزب الباسكي القومي وبعض التمثيلات السياسية الأخرى وربما امتناع الانفصاليين الكتالونيين الذين عززوا وجودهم في البرلمان عن التصويت في جلسة التنصيب.

وجدير بالذكر ان هذا الطريق شائك لأنه يفتح مجددا النقاش (العقيم في الأشهر الماضية) حول صيغة الحكومة المستقبلية سواء كانت ائتلافية أم لا وسط تراجع الثقة بين الزعيم الاشتراكي وزعيم (بوديموس) بابلو اجليسياس اثر اخفاقهم في تلك المهمة منذ أبريل الماضي.

كذلك تدهورت العلاقة بين سانشيز والانفصاليين الكتالونيين منذ الحكم بالسجن على الزعماء الانفصاليين في منتصف شهر أكتوبر الماضي وبات أولئك يرون في سانشيز عدوا لهم وعقبة في طريقهم كما ان لجوء سانشيز إليهم سيضعف موقفه أمام المعارضة اليمينية التي لن تتردد في اتهامه بتأييد “من يرغبون بتقسيم إسبانيا” كما فعلوا في السابق عندما أيده الانفصاليون في حجب الثقة عن خلفه ماريانو راخوي.

أما الطريق الثاني فهو البحث عن حلفاء على يمينه في الطيف السياسي ولاسيما الحزب الشعبي اليميني وحزب (ثيودادنوس) الموالي وهو طريق لا يقل تعقيدا لسببين يكمن الأول في ان دعم هذين الحزبين غير كاف بحد ذاته وسيبقى سانشيز بحاجة لدعم خارجي إضافي قد لا يمنح له في حين يكمن الثاني في ان الحزب الشعبي قد لا يجرؤ على اتخاذ تلك الخطوة أمام عدم القدرة على تبرير ذلك أمام ناخبيه وتهديد المتطرف (بوكس) بإزاحته عن زعامة المعارضة وزعامة اليمين إذا ما قرر دعم سانشيز.

ويؤدي كلا الطريقين إلى حكومة اشتراكية (سواء كانت ائتلافية أم لا) بأقلية وقاعدة برلمانية هشة وعلى الرغم من أنهما طريقان معقدان فإن انتخابات ثالثة لن تحل هذا التعقيد ومن الأفضل لمصالح اسبانيا تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن.

ويملك سانشيز مفاتيح تشكيل حكومة تنقذ إسبانيا بعد أربع سنوات من عدم الاستقرار السياسي شهدت فيها أربعة انتخابات عامة كما يملك فرصة ثانية لتشكيل حكومة عجز عن تشكيلها في المحاولة الأولى.

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.