أرامكو السعودية تحقق هدف التريليوني دولار لولي العهد رغم شكوك في التقييم
(رويترز) – حققت أرامكو السعودية يوم الخميس هدف التريليوني دولار الذي سعى إليه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إذ صعدت أسهمها لليوم الثاني، رغم بعض التشكيك في قيمة شركة النفط المملوكة للدولة.
الطرح العام الأولي لأرامكو حجر زاوية لرؤية ولي العهد السعودي لتنويع موارد اقتصاد المملكة بدلا من عن اعتمادها على النفط من خلال استغلال حصيلة الطرح البالغة 25.6 مليار دولار لتطوير قطاعات أخرى.
لكن ذلك يقل بكثير عن خطته المعلنة في 2016 لجمع ما يصل إلى 100 مليار دولار عبر طرح أولي دولي ومحلي ضخم.
قلصت الرياض طموحاتها بعد إحجام المستثمرين الدوليين بسبب التقييم المقترح ولم تدرج سوى 1.5 بالمئة من أسهم شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو) في بورصة الرياض يوم الأربعاء، وهو حجم ضئيل لأسهم التداول الحر بالنسبة لشركة كبيرة كأرامكو.
وأظهرت بيانات رفينيتيف أن أسهم أرامكو بلغت 38.7 ريال (10.32 دولار)، مما يرفع قيمتها السوقية لأكثر من تريليوني دولار لكنها أغلقت عند 36.8 ريال، بارتفاع 4.5 بالمئة عن سعر إغلاق الأربعاء ليصبح تقييم الشركة 1.96 تريليون دولار.
وفي حين أشادت الحكومة السعودية بقفزة عشرة بالمئة للسهم في أول ظهور له بالسوق يوم الأربعاء، وهو الحد الأقصى المسموح به في بورصة الرياض، كبرهان على التقييم الذي كان مستهدفا بادئ الأمر، فإن الدعم يأتي بدرجة كبيرة من مستثمرين موالين من السعودية ومنطقة الخليج، إذ يقول بعض المحللين إن قيمتها الحقيقية تقل عن ذلك.
وتصدر إدراج أرامكو الأخبار بجميع وسائل الإعلام السعودية يوم الخميس، وبعناوين مثل ”أرامكو تعتلي عرش العالم“ و“أرامكو .. الوعد يتحقق“.
لكن المحللين لدى برنشتاين وضعوا قيمة أرامكو عند نحو 1.36 تريليون دولار، وذلك بالمقارنة مع قيمة سوقية لعملاق الطاقة الأمريكي إكسون موبيل تقل عن 300 مليار دولار.
وكتبوا ”أرامكو السعودية هي أكبر شركة نفط في العالم وأكثرها ربحية – لكن الحجم ليس كل شيء،“ مشيرين إلى خطر تباطؤ نمو صافي الربح إذا ظلت أسعار النفط مستقرة.
وأشار تقرير لوكالة الطاقة الدولية يوم الخميس إلى ضغوط على أسعار النفط، متوقعا ارتفاعا كبيرا في المخزونات العالمية بالرغم من اتفاق أوبك وحلفائها على تعميق تخفيضات الإنتاج وكذلك الانخفاض المتوقع في إنتاج الولايات المتحدة ودول أخرى من خارج المنظمة.
وقالت برنشتاين إنه يتعين تداول أسهم أرامكو بخصم لا علاوة فوق أسعار أسهم كبرى شركات النفط العالمية، إذ أن حوكمة الشركة هي ”مبعث الخطر الرئيسي بالنسبة للمستثمرين“ في ظل امتلاك السعودية لأكثر من 98 بالمئة من الشركة.
وقال تيم لاف مدير الاستثمار لأسهم الأسواق الناشئة لدى جي.إيه.إم ”بغض النظر عن التقييم، أحد أهم الاعتبارات بالنسبة للصناديق التي تدار بشكل نشط سيكون المعايير البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركة“.
وأظهرت بيانات رفينيتيف تداول ما قيمته نحو 15.9 مليار ريال من أسهم أرامكو حتى الإغلاق، إذ شملت التعاملات حوالي 417.7 مليون سهم. شكل هذا أغلب إجمالي التداولات في بورصة الرياض بالكامل الذي بلغ 18.5 مليار ريال.
وفي مذكرة صدرت يوم الخميس، قال زاكاري سيفاراتي الرئيس التنفيذي لدلما كابيتال في دبي والتي استثمرت في الطرح الأولي ”أداء السعر الأولي يؤيد فرضيتنا أن أرامكو حددت سعر طرحها الأولي بخصم لإفساح المجال أمام الصعود خلال التداول ولإتاحة الفرصة للمستثمرين الإقليميين للاستفادة من إدراج درة التاج“.
وقال سيفاراتي عن صفقة أرامكو التي أصبحت الأكبر في العالم بتخطيها إدراج علي بابا الصينية في 2014 البالغة قيمته 25 مليار دولار ”يقل متوسط ما حصل عليه المستثمرون من المؤسسات عن سدس الأسهم التي طلبوها في الطرح الأولي، وتعين عليهم شراء الأسهم بالسوق المفتوحة“.
قاد نجاح إتمام الطرح العام الأولي أيضا إلى زيادة في سندات أرامكو الدولارية، التي يجري الآن تداولها بعوائد أقرب إلى عوائد سندات الدين السيادي للسعودية.
وقال مصرفي عمل على إصدار سندات أرامكو ”من المنطقي أن يجري تداول (سندات) أرامكو عند نفس مستوى (السندات) السيادية، إذ مازال اقتصاد السعودية معتمدا على النفط، لكن زخم الطرح الأولي قدم دعما بالتأكيد“.
ويتوقع بعض المحللين تراجعا قبل أن تستقر أسهم أرامكو نظرا لقرارها بيع حصة أصغر من أسهمها والاعتماد بشكل أساسي على مشترين محليين ومن المنطقة.
وقال متعامل في الرياض، طلب عدم ذكر اسمه، إن أغلب التداولات المبكرة كانت على نطاق صغير، بين ألف و1500 سهم، مضيفا أن هذا يشير إلى أن بعض المستثمرين الأفراد كانوا ”فرحين بربح ستة ريالات للسهم“.
وقالت آرثي تشاندراسكاران مديرة المحفظة في شعاع كابيتال التي مقرها أبوظبي إن من السابق جدا لأوانه الخروج باستنتاجات.
وتابعت ”يجب ألا نتعمق كثيرا في قراءة التراجعات الحاصلة خلال اليوم. دعونا لا ننسى أن المستثمرين الأفراد مازالوا يهيمنون على أكثر من 93 بالمئة من السوق، ومثل أي طرح أولي، ستحدث عمليات تخارج من جانب مستثمرين اشتروا الأسهم لاقتناص أرباح سريعة من الإصدار“.
وقال متعامل آخر إن المستثمرين السعوديين مترددون في ترك أموالهم بالسوق قبل نهاية الأسبوع، إذ خسر كثيرون الملايين عندما انهارت الأسواق العالمية خلال عطلة نهاية الأسبوع في خضم الأزمة المالية ولم يستطيعوا التخارج.
ومن المقرر أيضا أن تنضم أسهم أرامكو إلى المؤشر الرئيسي لبورصة تداول ومؤشرات قياسية عالمية مثل إم.إس.سي.آي وفوتسي الأسبوع المقبل، وهو ما قال محللون إنه سيغذي مزيدا من الطلب، وبخاصة من المستثمرين الخاملين الذين يتتبعون مثل تلك المؤشرات.
وقال محلل بمنطقة الخليج طلب عدم الإفصاح عن هويته إن تعاملات المستثمرين في المنطقة قد تكون مدفوعة بنظرة السعودية نفسها لقيمة أرامكو.
وقال ”سيفكر المستثمرون: لماذا تصعد أكثر… بينما يقيمها مالكوها بتريليوني دولار؟“