الكويت تختتم عامين من الدبلوماسية الفاعلة في مجلس الأمن
(كونا) – بعد ان امضت الدبلوماسية الكويتية عامين في اروقة مجلس الامن الدولي ادت خلالهما دورا فاعلا في الموضوعات المطروحة ووضعت ثقلها لصالح القضايا العربية والاسلامية والانسانية ها هي تطوي تلك المرحلة مع نهاية هذا العام لتستمر مستقبلا في اداء دورها المشهود في الامم المتحدة ومنظماتها المختلفة.
واستطاعت الكويت من خلال عضويتها في مجلس الامن وضع بصمتها الدبلوماسية الخاصة وتقديم قوانين لحل عدد من المشكلات التي تواجه العالم والتنسيق مع الدول الاعضاء لطرح وتبني عدد من مشروعات القرارات والبيانات المهمة.
وكانت الكويت قد بدأت في الاول من يناير عام 2018 نشاطها في مجلس الامن بصفة العضوية غير الدائمة لتخلف مصر في تمثيل المجموعة العربية وسط تحديات كثيرة ولتدلي بدلوها في اهم الموضوعات التي تشغل العالم وابرزها الحفاظ على السلم والامن واصلاح مجلس الامن.
وفي ذلك اليوم التاريخي عادت الكويت بعد 40 عاما لتولي هذا المقعد اذ سبق ان تولته عام 1978 لمدة عامين وذلك عقب ان حظيت بثقة المجتمع الدولي ممثلا في اعضاء الامم المتحدة الذين صوتوا لمصلحة انضمامها الى العضوية غير الدائمة بمجلس الامن بواقع 188 صوتا من أصل 193 دولة.
واستبق نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح حينذاك بدء انطلاقة نشاط الكويت في مجلس الامن بتأكيده حرص بلاده على الاستمرار في نهجها المعتدل والمتزن والساعي الى تحقيق الدبلوماسية الوقائية مضيفا ان الكويت ستعمل مع الدول الاعضاء على منع نشوب الخلافات والحروب وحل المشكلات بالطرق السلمية.
وقال الشيخ صباح الخالد “اننا نمثل اشقاءنا العرب والمجموعة الآسيوية ومنظمة التعاون الاسلامي والدول المطلة على المحيط الهادي وتم الاجتماع معهم والتنسيق بشأن المطلوب من ممثلهم وسنعمل على بحث كل ما يتعلق بقضايانا العربية ومشاكل امتنا العربية والاسلامية”.
وخلال عضويتها في مجلس الامن طرحت الكويت عددا من مشروعات القرارات المتعلقة بقضايا مهمة تشغل العالم كما طرحت بيانات تتصل بموضوعات حيوية تهم الدول العربية او الاسلامية.
ففي فبراير عام 2018 ترأست الكويت مجلس الامن حيث شهد جلسات مهمة ناقشت ثلاثة موضوعات هي القضية الفلسطينية والقضية العراقية ومبادئ ومقاصد ميثاق الامم المتحدة في صيانة السلم والامن الدوليين.
وفي 21 فبراير من ذلك العام ترأس الشيخ صباح الخالد جلسة مجلس الامن حول اهداف ومبادئ ميثاق الامم المتحدة التي دعت الكويت لعقدها تحت عنوان (مبادئ ومقاصد ميثاق الامم المتحدة في صيانة السلم والامن الدوليين) لمناقشة سبل تحسين آليات منظمة الامم المتحدة للحد من المخاطر والتهديدات التي تواجه المجتمع الدولي.
وتم خلال الجلسة اعادة تأكيد التزام الدول الاعضاء في مجلس الامن وتقيدها بمقاصد ميثاق الامم المتحدة ومبادئه في ضوء التحديات التي تواجه المجتمع الدولي وبحث افضل السبل لاستخدام الادوات التي يتيحها الميثاق لتمكين مجلس الامن من الاضطلاع بمهامه وواجباته بفعالية.
وفي اليوم الثاني ناقش مجلس الامن طلب الكويت عقد جلسة خاصة لبحث كيفية توفير القدرات اللازمة لإعادة احياء عملية السلام في الشرق الاوسط لاسيما في ضوء وجود مبادرات اقليمية ودولية اعتمدها المجلس.
وترأس الشيخ صباح الخالد الجلسة التي استهدفت توفير طريق واضح للتوصل الى حل يفضي الى نيل الشعب الفلسطيني حقه في اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية من خلال تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.
وفي 30 اكتوبر دعت الكويت والسويد باعتبارهما (حاملي القلم) للملف الانساني السوري في مجلس الامن جميع الاطراف المعنية الى تسهيل وصول المساعدات الانسانية لمنطقة (الركبان) على الحدود الاردنية السورية والاستجابة لمطالبات الامم المتحدة ومكتب تنسيق الشؤون الانسانية معربتين عن قلقهما العميق لوجود اكثر من 45 ألف شخص هناك يعانون من نقص حاد في المواد الغذائية والانسانية والطبية.
وفي 13 ديسمبر صوت مجلس الامن على مشروع قرار تقدمت به الكويت والسويد يؤكد ضرورة ضمان وصول المساعدات الانسانية للسوريين وتحديدا عبر الحدود مع استخدام اربعة معابر لدخول المساعدات الانسانية للمحتاجين.
وبعد حصوله على موافقة المجلس قال مندوب الكويت الدائم لدى الامم المتحدة السفير منصور العتيبي ان القرار يعد نجاحا للدبلوماسية الكويتية واستمرارا لقيادتها للعمل الانساني مع التركيز على تحسين الوضع الانساني في سوريا.
وفي 15 مارس عام 2019 اعتمد مجلس الامن بيانا صحفيا تقدمت به الكويت واندونيسيا دان بأقوى العبارات هجومين استهدفا مسجدين في مدينة (كرايست تشيرش) بنيوزيلاندا واسفرا عن مقتل واصابة العشرات من المدنيين موضحا ان الارهاب بجميع اشكاله ومظاهره يشكل احد اخطر التهديدات للسلم والامن الدوليين.
وفي 31 مايو الماضي ترأست الكويت مجلس الامن لشهر يونيو للمرة الثالثة في تاريخها بعد ان ترأسته لأول مرة في فبراير 1979 خلال عضويتها الاولى في المجلس فيما ترأست المجلس للمرة الثانية في فبراير 2018 خلال عضويتها الحالية.
وقال السفير العتيبي في تلك المناسبة ان رئاسة مجلس الامن تعد محطة مهمة في تاريخ الدبلوماسية الكويتية التي تنتهج الاتزان والاعتدال في سياستها الخارجية وترتكز على احترام مبادئ ومقاصد ميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي وتسعى الى المساهمة بشكل فعال لصيانة السلم والامن الدوليين.
وفي 11 يونيو اعتمد مجلس الامن بالاجماع مشروع قرار كويتي حول الاشخاص المفقودين في النزاعات المسلحة يهدف الى دعم وتعزيز سبل حماية المدنيين في النزاعات المسلح.
ويعتبر ذلك القرار هو الوحيد الذي قدمته الكويت بشكل منفرد حيث يعكس مواصلة الكويت تسليط الضوء على القضايا الانسانية كما ان تقديمها للقرار نابع من تجربتها المريرة خلال الغزو العراقي لها عام 1990 وما تسبب به من وجود مأساة الاسرى والمفقودين.
ورأت الكويت ان هذا القرار سيشكل لبنة اساسية في كيفية التعاطي مع موضوع المفقودين في النزاعات المسلحة علما انه كان اول قرار حول المفقودين والنزاعات المسلحة في مجلس الامن.
ووفق مشروع القرار فإن مجلس الامن اكد ادانته الشديدة للاستهداف المتعمد للمدنيين او غيرهم من الاشخاص المشمولين بالحماية في حالات النزاعات المسلحة واهاب بجميع اطراف النزاعات المسلحة وضع حد لهذه الممارسات وفقا لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي الانساني.
وفي 13 يونيو اصدرت الكويت بيانا رئاسيا لمجلس الامن حول التعاون بين المجلس وبين جامعة الدول العربية وذلك خلال ترؤس نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية جلسة جمعت بين الجانبين تحت بند (التعاون بين الامم المتحدة والمنظمات الاقليمية ودون الاقليمية في صون السلم والامن الدوليين).
وجاءت الجلسة ضمن فعاليات رئاسة الكويت لمجلس الامن لشهر يونيو وشارك فيها كل من الامين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريس والامين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط.
ونص البيان على ان يؤكد مجلس الامن مسؤوليته عن صون السلام والامن الدوليين ويشير الى قراراته وبيانات الرئيسية التي تشدد على اهمية اقامة شراكات فعالة بين الامم المتحدة والمنظمات الاقليمية وفقا لميثاق الامم المتحدة وللانظمة الاساسية ذات الصلة المعمول بها في المنظمات الاقليمية والمنظمات دون الاقليمية.
وفي 20 اغسطس وجه السفير العتيبي رسالة الى مجلس الامن بشأن بناء الكويت منصة بحرية فوق منطقة (فشت العيج) اكد فيها ان بناء المنصة يتم في المياه الاقليمية للكويت ولذلك فهو من الامور السيادية التي جاءت بغرض التأكد من سلامة المياه البحرية في خور عبدالله.
وفي 29 اغسطس اعلن العتيبي ان حاملي القلم للملف الانساني السوري وهم الكويت وبلجيكا وألمانيا قدموا مشروع قرار بمجلس الامن حول ادلب بهدف وضع حد لتدهور الاوضاع الانسانية فيها.
وناقش مجلس الامن في 19 سبتمبر ذلك المشروع لكنه فشل في اقراره بسبب استخدام روسيا والصين حق النقض (فيتو) لمنع صدوره.
وتعليقا على ذلك اعرب العتيبي عن خيبة الامل لاخفاق المجلس في تحمل مسؤولياته قائلا ان”التاريخ سيذكر هذه الجلسة وسيذكر مواقف كل عضو في مجلس الامن من مشروع القرار الانساني والمتوازن الذي تقدمت به الكويت وبلجيكا وألمانيا والذي كان يهدف فقط الى حماية المدنيين في ادلب”.
يذكر ان مجلس الامن يتكون من 15 دولة بينها 10 دول اعضاء بالانتخاب اضافة الى الدول الخمس الدائمة العضوية التي تتمتع بحق النقض (الفيتو) وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا.
ويعد مجلس الامن هو احد اجهزة الامم المتحدة الرئيسية الستة التي تشمل ايضا الامانة العامة والجمعية العامة ومجلس الوصاية ومحكمة العدل الدولية اضافة الى المجلس الاقتصادي والاجتماعي.